جاءت الإجازة الصيفية وصارالوقت فارغ بالنسبة للأطفال.. وبعد أن كنا نستيقظ في السابعة، ونهرول للوصول إلى نقطة الخروج من باب المنزل بعدها بساعة، بعد أن نخوض معارك النظافة الصباحية والفطور وإعداد وارتداء ملابس المدرسة والجوارب والأحذية، ثم القيادة إلى المدرسة وتنفس الصعداء بعد عبورهم بوابة المدرسة.. صرنا الآن نستيقظ دون توتر وانزعاج.. ثم بعد أن نتناول الفطوروشرب الحليب يبدأ الإلحاح من جانب الأطفال: ماذا سنفعل؟ أين سنذهب؟ كيف سنقضي وقتنا؟.
في
أول أسبوع ونتيجة لعدم التوازن الذي يحدث في برنامج الأسرة بعد انتهاء
الدراسة، تمخض الأمر عن بقائهم أمام التلفاز معظم الفترة الصباحية،
فالأنشطة الصيفية في المدرسة لم تكن قد بدأت بعد، وكذا النشاط الصيفي في
مراكز الطفل والهيئات الاجتماعية التي ترتب للأطفال برامج ترفيهية وتعليمية
وتربوية.. وصار الأطفال بعد الإفطار يدخلون إلى غرفة المعيشة ويفتحون
التلفاز ويجلسون أمام الكرتون وبرامج الأطفال حتى الظهيرة، وبقليل من
المتابعة سنجد أن هذه البرامج لا تُقَدِّم أي فائدة تُذْكَر، فكان أنْ
بَدَأْتُ في توظيف كل ما عندي من مهارات في شغل الأطفال عن هذا الجهاز
المُدَمِّر للوقت والإبداع والعقل.. الذي كانت تكفيني المذاكرة والاختبارات
الشهرية هَمَّ فتحه أساساً طول فترة الدراسة حتى علاه التراب، وبدأت
مسيرتي الصيفية مع اختراع شواغل للأطفال.. اليوم نطبخ فطيرة من عجين للعب..
ونضعها في الفرن.. ثم تصبح بعدها مادة مناسبة لاستخدام مطبخ الأطفال
البلاستيكي الذي لم يعد يجذب اهتمامهم وعلاه التراب.. واليوم التالي تَمَّ
تفريغ مساحة في المطبخ للرسم بالألوان المائية على أوراق ضخمة تمَّ لصقها
على حوائط السيراميك، ثم تمَّ تعليق الأعمال الفنية الرائعة أمام باب
المنزل لمدة يوم (الحمد لله لم يكن هناك ترتيب لقدوم أي ضيوف) واليوم
الثالث انهمكنا في تنظيف الحمامات.. لعب بالماء والصابون في المكان
المناسب، وإحساس بالإنجاز والفاعلية بعد انتهاء التنظيف.. وهكذا.
ولم
يكن الهدف هو فقط الاستفادة من الوقت في صرف الأطفال عن محتوى ما يقدمه
التلفاز.. بل كسر عادة الجلوس أمامه.. وتم وضع قاعدة صارمة: لا فَتْحَ للتلفاز دون استئذان.. نهائيًّا!